الحالات والأمراض

كيف تجعلين أمعاءك وعقلك سعيدين؟ المحور الدماغي المعوي

إذا كنتِ متوترة قبل المقابلة، فمن المحتمل أن تكون معدتكِ متوترة. هذا لأن الدماغ يؤثر على القناة الهضمية. وإذا كنتِ تأكلين شيئاً غير مرغوب فيه، فمن المحتمل أن تلاحظي انخفاضاً في مزاجكِ. هذا بسبب القناة الهضمية التي تؤثر على الدماغ.

هذان مثالان فقط على المحور الدماغي المعوي. ما يحدث لأحدهما يؤثر على الآخر، والعكس صحيح.

للحصول على هضم أكثر سلاسة، وتقليل الالتهاب، ولكي تكوني في حالة ذهنية أكثر إشراقاً، يجب أن تهتمي بالأمعاء والدماغ في نفس الوقت. استمري في القراءة لتتعلمي كيف يكون ذلك.

ما هو المحور الدماغي المعوي؟

يصف محور الأمعاء-الدماغ العلاقة ثنائية الاتجاه بين:

  • القناة الهضمية (والميكروبات التي تستعمر الأمعاء).
  • الجهاز العصبي المركزي (الذي يشمل الدماغ والنخاع الشوكي).

دعينا نرى كيف تترابط القناة الهضمية مع الدماغ.

1: الأعصاب والخلايا العصبية

يشبه الجهاز العصبي المركزي رئيسكِ التنفيذي في العمل، لكنه ليس المحور الوحيد الذي يتحكم بالجسد. كما تصطف القناة الهضمية مع ملايين الخلايا العصبية التي تشكل الجهاز العصبي المعوي.

وينظم الجهاز العصبي المعوي الهضم وتَدَفُّقَ الدم والوظائف الأخرى. هذا “الدماغ الثاني” يتصل بالدماغ الفعلي عبر العصب المبهم.

إن التواتر المبهمي أمر بالغ الأهمية لصحة القناة الهضمية والدماغ. وليس من المستغرب أن يعاني الأشخاص المصابون بمتلازمة القولون العصبي (IBS) ومرض كرون (مرض التهاب الأمعاء) من خلل في وظيفة العصب المبهم.

2: ميكروبات الأمعاء والناقلات العصبية

ربما سمعتِ عن النواقل العصبية، وهي مواد كيميائية تنظم المزاج، والهضم، والنوم، والعديد من الوظائف الأخرى.

السيروتونين، وهو ناقل عصبي مشهور بتأثيره على الحالة المزاجية. يُنْتَجُ أكثر من 90٪ من سيروتونين الجسم في الأمعاء.

ينظم السيروتونين حركية الأمعاء جنباً إلى جنب مع الحالة المزاجية. (وقد يؤدي عدم توازن السيروتونين إلى الإسهال أو الإمساك) ولهذا السبب فإن الأدوية التي تعمل على السيروتونين، مثل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، موصوفة لمتلازمة القولون العصبي (IBS).

كما يعتمد توازن السيروتونين لدى الشخص (وتوازن النواقل العصبية الأخرى) على تريليونات البكتيريا والخميرة والفيروسات التي تستعمر الأمعاء. نعم، يساعد ميكروبيوم الأمعاء في صنع النواقل العصبية.

كيف يبدو ميكروبيوم الأمعاء الأمثل؟ يعتمد ذلك على الشخص، ولكن ثبت أن تناول مكملات معينة من الميكروبات (تسمى البروبيوتيك) يحسن الهضم، ويقلل الالتهاب، ويعزز الحالة المزاجية لدى الحيوانات والبشر على حد سواء.

3: قوة المناعة

تحتوي القناة الهضمية على حوالي 70-80٪ من جميع الخلايا المناعية، لذلك عندما يزعج شيءٌ ما الجهازَ الهضمي كالفيروس مثلاً، أو الطعام المهيج، أو الإجهاد، إلخ – فإن النشاط المناعي أي (الالتهاب) يتبعه مباشرة.

وعندما يكون هناك التهاب، فقد يكون الاكتئاب موجوداً أيضاً.

في التجربة، قام الباحثون بحقن عشرين رجلاً إما بسموم السالمونيلا الداخلية أو بمحلول ملحي؛ فأظهرت مجموعة السالمونيلا مستويات أعلى من الالتهاب استجابةً للسم وأظهرت أعراض القلق والاكتئاب.

كيف تترابط القناة الهضمية مع الدماغ؟

يكون ذلك بثلاث طرق:

  1. الأعصاب والخلايا العصبية.
  2. الميكروبات المعوية والنواقل العصبية.
  3. الصحة المناعية.

متلازمة القولون العصبي والحالات الأخرى المرتبطة بالمحور الدماغي المعوي

غالباً ما يكون القولون العصبي تسمية لآلام المعدة المزمنة وعادات الأمعاء غير المنتظمة، ولكن توجد معايير تشخيصية للتشخيص الرسمي؛ نظراً لأن ما يصل إلى 20٪ من سكان العالم يعانون من هذه الأعراض، فمن المفيد استكشاف أسبابها.

هذه الأعراض ليست مجرد أعراض في القناة الهضمية؛ فعلى سبيل المثال، أكثر من 80٪ من مرضى القولون العصبي يعانون أيضاً من القلق أو الاكتئاب.

لكن من المسؤول عن هذه الأعراض؟ هل أعراض القولون العصبي تسبب القلق أم أن القلق يسبب أعراض القولون العصبي؟

الجواب: كلاهما محتمل. على سبيل المثال، يؤدي الإجهاد إلى تنشيط جهاز المناعة ويمكن أن يسبب “تسرب الأمعاء أو الأمعاء الراشحة” (Leaky Gut)، وهي حالة من نفاذية الأمعاء تؤدي إلى ظهور أعراض الجهاز الهضمي.

نحن نعلم أيضاً أن السيتوكينات الالتهابية يمكنها عبور الحاجز الدموي الدماغي وتعطيل مزاجكِ. هل تتذكرين المعلومات التي قدمناها عن دراسة السالمونيلا أعلاه؟

إنها علاقة ثنائية الاتجاه. عليكِ أن تأخذي في الاعتبار طرفي المعادلة.

ينظر الباحثون أيضاً إلى محور الأمعاء والدماغ لكي يشرحوا الاضطرابات العصبية، بما في ذلك:

  • التصلب المتعدد: لقد غير مرضى التصلب المتعدد الميكروبيوم، وقد ثبت أن البروبيوتيك يحسن الأعراض.
  • مرض الزهايمر (الخرف): تُظْهِرُ عينات البَراز المأخوذة من مرضى الزهايمر أعداداً متزايدة من البكتيريا، وهي بكتيريا مرتبطة بزيادة الالتهاب.
  • الفصام: عندما تلقت الفئران عمليات زرع بَراز من مرضى الفصام، طورت تلك الفئران سلوكاً فصامياً. لكي نكون واضحين، لا يزال البحث في مهده. لكننا لسنا بحاجة إلى درجة الدكتوراه في الميكروبيوم لنعيش بطرق تدعم محور الأمعاء والدماغ.

الأكل الداعم لصحة الأمعاء والدماغ

لدعم أمعائكِ وعقلكِ، ركزي على تجنب الأطعمة التي تسبب الالتهاب. كلما قللتِ من الالتهاب كان محور الأمعاء والدماغ يعمل بشكل أفضل.

يُعَدُّ التخلص من السكر المكرر خطوة أولى ذكية؛ لأن الاستهلاك الزائد للسكر يؤدي إلى السُّمنة وهي (حالة التهابية) ويعزز الميكروبيوم المؤيد للالتهابات.

يجب أيضاً التخلص من الزيوت النباتية مثل زيت فول الصويا وزيت الفول السوداني وزيت دوار الشمس. هذا وقد رُبِطَ تناول أوميغا 6 الزائد بالالتهابات المزمنة مثله مثل السكر.

إذاً ماذا يجب أن تأكلي؟ الجواب بسيط: تناولي الأطعمة الكاملة غير المصنعة التي تتفق معكِ!

إذا كان الطعام يسبب أعراضاً للجهاز الهضمي أو غير ذلك فمن المحتمل أنه يسبب الالتهاب. توقفي عن تناول هذا الطعام لفترة وجربيه مرة أخرى في غضون شهر تقريباً.

ماذا عن الألياف؟ بالنسبة للأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة؛ فإن تناول كميات أكبر من الألياف عادة ما يكون أفضل.

تُغذي الألياف البكتيريا النافعة، ولكن حسب الحالة يمكن للألياف أيضاً أن تغذي البكتيريا المسببة للأمراض في الأمعاء، وبالتالي، فإن تقليل تناول الألياف يقلل من أعراض الجهاز الهضمي لدى مرضى القولون العصبي.

جربي الكربوهيدرات والألياف لمعرفة ما يناسب الهضم والإدراك. يعمل بعض الأشخاص بشكل أفضل مع الحد الأدنى من الكربوهيدرات (المعروف أيضاً باسم كيتو)، لكن البعض الآخر لا يفعل ذلك.

طرق أخرى لدعم صحة المحور الدماغي المعوي

يعد دعم محور القناة الهضمية لديك مسعى شمولياً؛ فالأكل الصحي هو مجرد قطعة واحدة من اللغز.

فيما يلي بعض قطع الألغاز الأخرى:

  • النوم الكافي: تؤثر اضطرابات النوم سلباً على ميكروبيوم الأمعاء.
  • التحكم في الإجهاد: يفرز الإجهاد الهرمون المطلق للكورتيكوتروبين، مما يزيد من نفاذية الأمعاء (تسرب الأمعاء).
  • التمارين المنتظمة: تعمل التمارين المعتدلة على تعزيز الإدراك بشكل أفضل وميكروبيوم أمعاء أكثر تنوعاً.
  • الأحماض الدهنية أوميغا 3: ربط العلماء تناول كميات كبيرة من أوميغا 3 ببكتيريا الأمعاء الصحية وتقليل مخاطر الاكتئاب.
  • البروبيوتيك (البكتيريا النافعة): تشير الدراسات إلى أن تناول البروبيوتيك قد يحسن الحالة المزاجية وأعراض الجهاز الهضمي.
  • التعرض للشمس: يؤدي التعرض الطبيعي لأشعة الشمس إلى تعزيز بكتيريا الأمعاء المضادة للالتهابات.
  • الحمية الصحية.

في النهاية: تذكري بأنكِ لست بحاجة إلى أن تكوني مثالية في كل مجال، ولكن ربما يمكنكِ إجراء تعديل أو تعديلين في طرق معيشتكِ. حتى التحسن الضئيل في محور القناة الهضمية لديكِ يمكن أن يحسن بشكل كبير نوعية حياتكِ.

ولا تنسي دائماً بأن استشارة طبيبك هي الطريقة المثلى؛ فالمعلومات التي نقدمها هي ثقافية تعليمية هدفها التوعية فقط.

اقرأ أيضاً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى