الحالات والأمراض

عملية التمثيل الغذائي ما معلوماتك عنها وكيف تؤثر على صحة جسمك؟

عملية التمثيل الغذائي أو الأيض هو مصطلح يصف العمليات الكيميائية التي تحدث في جسمك لإبقائك على قيد الحياة وإبقاء وظائف الجسم فعالة. إنه ينطوي على هضم الطعام الذي تتناوله وتحويله إلى طاقة ولبنات بناء لخلاياك وأنسجتك. كما أنه ينظم درجة حرارة الجسم ومستويات الهرمونات وضغط الدم والعديد من الوظائف الحيوية الأخرى.

التمثيل الغذائي ليس شيئاً ثابتاً؛ إذ إنه يمكن أن يختلف اعتماداً على العديد من العوامل، مثل العمر والجنس وتكوين الجسم والنشاط البدني والنظام الغذائي والوراثة. يتمتع بعض الأشخاص بعملية تمثيل غذائي أسرع من غيرهم، مما يعني أنهم يحرقون سعرات حرارية أكثر حتى أثناء الراحة. لدى البعض الآخر عملية تمثيل غذائي أبطأ، مما يعني أنهم يحتاجون إلى سعرات حرارية أقل للحفاظ على وزنهم.

يمكن أن يتغير التمثيل الغذائي أيضاً بمرور الوقت مع تقدمك في العمر أو زيادة الوزن أو فقدانه أو التعرض لتغيرات هرمونية. قد يتأثر أيضاً بحالات طبية معينة، مثل مرض السكري أو اضطرابات الغدة الدرقية أو متلازمة التمثيل الغذائي.

في منشور المدونة هذا، سنشرح ماهية التمثيل الغذائي، وكيف يعمل، وما الذي يؤثر عليه، وكيف يمكنك تحسينه من أجل صحة وعافية أفضل.

كيف تتم عملية التمثيل الغذائي؟

يتكون التمثيل الغذائي من نوعين رئيسيين من ردود الفعل: هدم وبناء.

الهدم هو عملية تحطيم الجزيئات الكبيرة إلى جزيئات أصغر، وإطلاق الطاقة في هذه العملية. على سبيل المثال، عندما تهضم الكربوهيدرات والبروتينات والدهون من طعامك؛ فإنك تقوم بإجراء تفاعلات تقويضية (تفاعلات هدم) تنتج الجلوكوز والأحماض الأمينية والأحماض الدهنية. يمكن بعد ذلك استخدام هذه الجزيئات كوقود لخلاياك أو تخزينها لاستخدامها لاحقاً.

البناء هي عملية تكوين جزيئات أكبر من الجزيئات الأصغر باستخدام الطاقة في هذه العملية. على سبيل المثال، عندما تصنع بروتينات من الأحماض الأمينية، أو الدهون من الأحماض الدهنية، أو الحمض النووي من النيوكليوتيدات؛ فأنت تقوم بإجراء تفاعلات بنائية تخلق مكونات خلوية جديدة أو تصلح المكونات التالفة.

التوازن بين الهدم والتمثيل الغذائي يحدد ما إذا كنت تكتسب أو تفقد الوزن. إذا كنت تستهلك سعرات حرارية أكثر مما تحرقه من خلال الهدم؛ فسيكون لديك فائض من الطاقة سيتم تخزينه على شكل دهون. أما إذا كنت تحرق سعرات حرارية أكثر مما تستهلكه من خلال التمثيل الغذائي؛ فسوف تعاني من نقص في الطاقة التي سوف يتم الحصول عليها من مخازن الدهون الخاصة بك.

ما الذي يؤثر على عملية التمثيل الغذائي؟

يتأثر التمثيل الغذائي الخاص بك بالعديد من العوامل التي يمكن أن تسرعه أو تبطئه. بعض هذه العوامل هي:

  • العمر: كلما تقدمت في العمر، تميل عملية التمثيل الغذائي إلى التباطؤ؛ لأنك تفقد كتلة العضلات وتكتسب كتلة دهون؛ وذلك لأن أنسجة العضلات تحرق سعرات حرارية أكثر من الأنسجة الدهنية في الراحة وأثناء النشاط. لمنع هذا الانخفاض في التمثيل الغذائي، يجب الحفاظ على كتلة عضلاتك أو زيادتها من خلال تدريب المقاومة وتناول البروتين الكافي.
  • الجنس: يتمتع الرجال عموماً بتمثيل غذائي أعلى من النساء؛ لأن لديهم كتلة عضلية أكبر ودهون أقل في الجسم. تعاني النساء أيضاً من تقلبات هرمونية أثناء الدورة الشهرية وانقطاع الطمث التي يمكن أن تؤثر على عملية التمثيل الغذائي.
  • حجم الجسم وتكوينه: يتمتع الأشخاص الأكبر حجماً بعملية تمثيل غذائي أعلى من الأشخاص الأصغر حجماً؛ لأن لديهم مساحة أكبر من الجسم وخلايا أكثر للحفاظ عليها. كما أن الأشخاص الذين لديهم كتلة عضلية أكبر لديهم أيضاً معدل استقلاب أعلى من الأشخاص الذين لديهم كتلة دهنية أكبر للسبب نفسه.
  • النشاط البدني: إن ممارسة الرياضة تزيد من التمثيل الغذائي الخاص بك عن طريق حرق السعرات الحرارية أثناء وبعد النشاط. وكلما زادت كثافة التمرين وطول مدته؛ زادت السعرات الحرارية التي تحرقها وظل معدل التمثيل الغذائي لديك مرتفعاً. تساعدك التمارين أيضاً على بناء كتلة العضلات؛ مما يعزز معدل الأيض أثناء الراحة وهو في الإنكليزية (Resting Metabolic Rate) (RMR) ويعني هو مقدار السعرات الحرارية التي تحرقها وأنت لا تفعل شيئاً.
  • النظام الغذائي: ما تأكله وتشربه يمكن أن يؤثر على عملية الأيض بعدة طرق. إن تناول سعرات حرارية كافية لتلبية احتياجاتك من الطاقة يمنع عملية الأيض (التمثيل الغذائي) من التباطؤ بسبب حالة الجوع. وإن تناول ما يكفي من البروتين لدعم كتلة عضلاتك يمنع أيضاً عملية التمثيل الغذائي من الانخفاض بسبب فقدان العضلات. كما يمكن أن يؤدي تناول الأطعمة الغنية بالألياف أو التي لها تأثير حراري إلى زيادة عملية التمثيل الغذائي عن طريق طلب المزيد من الطاقة لهضمها. التأثير الحراري للطعام (TEF) هو مقدار السعرات الحرارية التي يتم حرقها من خلال معالجة الطعام الذي تتناوله. تشمل الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من (TEF) الأطعمة الغنية بالبروتين (مثل اللحوم والبيض ومنتجات الألبان) والأطعمة الغنية بالتوابل (مثل الفلفل الحار) والشاي الأخضر والقهوة.
  • الوراثة: يولد بعض الأشخاص باستقلاب أسرع أو أبطأ من غيرهم بسبب الاختلافات الجينية التي تؤثر على كيفية استخدام خلاياهم للطاقة. على سبيل المثال، لدى بعض الأشخاص طفرات في الجينات التي ترمز للإنزيمات المشاركة في التمثيل الغذائي والتي تجعلها أكثر أو أقل كفاءة في حرق السعرات الحرارية. ومع ذلك، فإن الوراثة ليس قدراً محتوماً؛ لأنه يمكنك تحسين التمثيل الغذائي الخاص بك عن طريق تغيير عادات نمط حياتك.

كيفية تحسين التمثيل الغذائي الخاص بك

توجد العديد من الطرق لتعزيز التمثيل الغذائي بشكل طبيعي وآمن دون اللجوء إلى الحبوب أو المكملات الغذائية التي قد يكون لها آثار جانبية ضارة. فيما يلي بعض النصائح لتحسين التمثيل الغذائي الخاص بك:

  • تمرن بانتظام: استهدف 150 دقيقة على الأقل من التمارين الهوائية متوسطة الشدة (مثل المشي السريع) أو 75 دقيقة من التمارين الهوائية شديدة الشدة (مثل الجري) في الأسبوع. يمكنك أيضاً ممارسة هذين النوعين من التمارين. تزيد التمارين الهوائية من معدل ضربات القلب واستهلاك الأكسجين؛ مما يعزز عملية الأيض. يجب عليك أيضاً تضمين تمارين القوة (مثل رفع الأثقال) مرتين في الأسبوع على الأقل لبناء والحفاظ على كتلة عضلاتك؛ مما يزيد معدل RMR الخاص بك. يمكنك أيضاً تجربة التدريب المتقطع عالي الكثافة (HIIT)، والذي يتضمن التناوب بين فترات قصيرة من النشاط المكثف وفترات أطول من النشاط أو الراحة المنخفضة إلى المعتدلة. يمكن لـ HIIT زيادة التمثيل الغذائي عن طريق تحفيز إنتاج هرمون النمو البشري (HGH)، مما يساعد على زيادة كتلة العضلات وحرق الدهون.
  • اتباع نظام غذائي متوازن: تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة التي توفر لك ما يكفي من السعرات الحرارية والبروتينات والكربوهيدرات والدهون والفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة لدعم عملية الأيض. تجنب تخطي وجبات الطعام أو تناول القليل جداً من الطعام؛ لأن هذا يمكن أن يبطئ عملية التمثيل الغذائي ويجعلك تتناول وجبة دسمة لاحقاً. تناول وجبات صغيرة ومتكررة على مدار اليوم للحفاظ على معدل الأيض ثابتاً ولتمنع الجوع. اختر الأطعمة الغنية بالألياف أو التي تحتوي على نسبة عالية من TEF، مثل اللحوم الخالية من الدهون والدواجن والأسماك والبيض ومنتجات الألبان ومنتجات الصويا والبقوليات والمكسرات والبذور والفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والتوابل. اشرب الكثير من الماء لتحافظ على رطوبتك وتساعد على طرد السموم من جسمك. قلل من تناول السكريات المضافة، والدهون المشبعة، والدهون المتحولة، والكحول، والأطعمة المصنعة التي يمكن أن تقلل عملية التمثيل الغذائي لديك وتزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
  • الحصول على قسط كافٍ من النوم: النوم ضروري لعملية التمثيل الغذائي الخاصة بك؛ لأنه يسمح لجسمك بإصلاح وتجديد نفسه. قلة النوم يمكن أن تعطل الهرمونات التي تنظم شهيتك وإنفاق الطاقة، مثل اللبتين والجريلين. يشير اللبتين إلى دماغك بأنك ممتلئ ويقمع جوعك. يشير جريلين إلى عقلك بأنك جائع ويحفز شهيتك. عندما لا تحصل على قسط كافٍ من النوم؛ تنخفض مستويات هرمون الليبتين لديك وترتفع مستويات هرمون الجريلين؛ مما يجعلك تشعر بالجوع ويدفعك إلى تناول المزيد من الطعام. هذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن وعملية الأيض أبطأ. اهدف إلى الحصول على سبع إلى تسع ساعات من النوم الجيد كل ليلة للحفاظ على توازن التمثيل الغذائي.
  • إدارة الإجهاد: يمكن أن يكون للتوتر تأثير سلبي على عملية التمثيل الغذائي لديك عن طريق زيادة إنتاج الكورتيزول، وهو هرمون يؤدي إلى انهيار الأنسجة العضلية وتخزين الدهون. يزيد الكورتيزول أيضاً من مستويات السكر في الدم ويثبط جهاز المناعة لديك؛ مما يجعلك أكثر عرضة للإصابة بالعدوى والأمراض. يمكن أن يؤثر الإجهاد أيضاً على نوعية وكمية نومك؛ مما يقلل من معدل التمثيل الغذائي لديك. لتقليل التوتر وتأثيراته على عملية التمثيل الغذائي لديك، يجب أن تمارس تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق أو التأمل أو اليوجا أو التاي تشي أو التدليك. يجب أن تجد أيضاً طرقاً صحية للتغلب على التوتر مثل التحدث إلى شخص تثق به أو الكتابة في دفتر يوميات أو قراءة كتاب أو الانخراط في هواية.

خاتمة

إن التمثيل الغذائي عملية معقدة تتضمن العديد من التفاعلات الكيميائية التي توفر الطاقة ولبنات البناء لجسمك. يتأثر التمثيل الغذائي الخاص بك بالعديد من العوامل التي يمكن أن تسرعه أو تبطئه. من خلال اتباع بعض التغييرات البسيطة في نمط الحياة، مثل ممارسة الرياضة بانتظام، وتناول نظام غذائي متوازن، والحصول على قسط كافٍ من النوم، وإدارة الإجهاد، يمكنك تحسين التمثيل الغذائي لديك والتمتع بصحة وعافية أفضل.

اقرأ أيضاً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى